طالبة عربية في تل ابيب

פאטמה ח'מאיסי
פאטמה ח'מאיסי
31 בדצמבר 2017

قد يتساءل البعض، ما الذي يدفع فتاة عربية كغيرها من ابناء جيلها، تسكن في احدى قرى الشمال البعيدة ان تفضل المجيء والتعلم في تل ابيب بدلا من ان تختار جامعة قريبة لمكان سكنها.

لدى بلوغها السابعة عشر من العمر، انهت المرحلة الثانوية، وما تلاها كانت مرحلة اشبه بالضياع.

لم يكن لديها خطة او فكرة بعد عن مستقبلها التعليمي، لكن هنالك شيء واحد كان يدفعها بشدة ان تتعلم في تل ابيب كونها لم تكن في متناول يديها ونادرا ما كانت فتاة تصلها كونها بعيدة جغرافيا، متحررة فكريا وصاخبة ليلا.

بعد التفكير مليا حول الخطوة القادمة، اصرت على التعليم في تل ابيب، لكنها لم تختر الموضوع!

سنة كاملة من التردد. لم يكن سهلا تحديد الموضوع. فقد شعرت ان الاثنا عشرة سنه التي انقضت في التعليم المدرسي   بلا قيمة امام ما تواجهه الان من تحديات.  في المدرسة لم تتعلم اكتشاف هويتنها او ميولها المهني، لم تعرف عدد الجامعات او حتى اسماء المواضيع. ذهبت الى اليوم المفتوح في جامعة حيفا ومن شدة ضغط الطلاب وقصر الوقت لم تنجح في تقرير مصيرها. طلبت من المدرسة ان تزور جامعة تل ابيب لتتعرف عليها ولكن طلبها قوبل بالرفض الشديد مدعيين بانها جامعة بعيدة لا تستقبل العديد من الطلاب ومن ذلك الطالب الذي يود بالتعلم في تلك المدينة؟

استهزئوا وسخروا بمطلبها الوحيد، لكنها أصرت حتى قررت التسجيل لاحد مواضيع العلوم الاجتماعية،

ومرة اخرى سمعت تلك الجمل ما هذه المواضيع؟ هل ستذهبين لتعلم هذا الكلام الفارغ في تل ابيب!! ومن ذلك الكلام… حيث في مجتمعها اعتادوا ان التعليم الجامعي يقتصر على موضوعي الطب والهندسة.

حتى اعتقدوا انها لن تستطيع شراء الخبز بهذا اللقب ولكنها لم تكن قلقة كثيرا فقد سمعت ان بتل ابيب هنالك فرص لا نهائية حول ايجاد عمل في شتى المجالات والعلوم.

عند اقتراب عامها الدراسي الأول، قامت بتجهيز امتعتها، ودعت غرفتها التي لم يسبق لها ان غادرتها لفترة طويلة, لتنتقل العيش في سكن لا يتعدى غرفة نوم ,مطبخ وحمام مشاركة حياتها مع غريبة لم تلتقها من قبل, لقد سمعت ما يكفي من قصص رهيبة عن مشاكل السكن وشريكات السكن.

اما الجزء الأصعب كان وداع عائلتها , فقد كانت تجربتهم الجامعية الاولى، لم يشئ والدها ايصالها للجامعة كما فعل لمدة اثنا عشرة سنة لم يكن بجانبها في اول يوم لها.

استيقظت مبكرا كما لم تعتاد طيلة سنة كاملة وركبت بأول حافلة اتجهت نحو تل ابيب ورددت تلك العبارة مرارا

" تل ابيب خيارك وعليك تحمل مسؤولية خياراتك"، لم تنكر انها لو اصغيت لجميع اولائك الناس الذين قالوا لها تعلمي في حيفا فأنها أقرب وائمن لك.

كانت الحافلة مليئة بالجنود، لكنتها العبرية كانت واضحة. حاولت اخفائها خوفا على نفسها من حادث عنصري، كانت قليلة الثقة بلسانها فلم يسبق لها ان تحدثت العبرية بشكل يومي.  اعتادت في السابق على قراءة النصوص التعليمية.

فور وصولها تل ابيب سالت ما يقارب جميع المارة في الشارع عسى يساعدونها في ايجاد جامعتها, جميعهم قال لها وصولها سهل جدا تقع في منتصف نهاية الشارع.

وصلت الجامعة لم تتوقع انها بهذا الكبر، لم تستطع إخفاء اعجابها وانبهارها حتى انتبه حارس البوابة لكونها طالبة جديدة وقام بمساعدتها في إيجاد قسمها.

دخلت المحاضرات واحدة تلو الأخرى كادت تنفجر كونها لم تعتد الجلوس ل3 ساعات متواصلة امام شخص لم ينطق بكلمة مفهومة رغم تفاعل الطلاب الاخرين اما هي فقد كنت بحالة غضب، صامته ولا يوجد لديها ادنى فكرة عما يتحدث.

خلال الاسبوع الاول كل ما فعلته، هو الجلوس والتمعن في الوجوه عسى ان تجد احدا بملامح عربية تتحدث اليه , وفي وقت المساء تحادث أهلها مصطنعة السعادة.

رغم كل هذه التحديات الا انها في نهاية المطاف أصبحت روتينا، فلقد اعتادت على المحاضرات،  رؤية وجه شريكتها في السكن، لكنتها العبرية تحسنت بشكل ملحوظ، كونت صداقات.

رغم كل الصعوبات انهت الطالبة العربية السنة الدراسية الاولى بالنجاح… ويا للمفاجاة انها تنتظر السنة الدراسية  المقبلة بفارغ الصبر.

لتسهيل العقبات امام طالبة عربية أخرى نتوقع من المدارس الثانوية العربية ان تعمل لتجهيز الطلبة لمناخ الجامعات ومن جهة أخرى من المفضل على الجامعات ان تخصص وتهيئ ظروف تناسب الطلبة الجدد.